عدد رقم 3 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
بنات شاركن في العمل العظيم  

   عمل الله يشارك فيه كل أولاد الله.  كلٌّ يقوم بدوره حسب الترتيب الإلهي، الذي قصده البناء الحكيم وصاحب العمل العظيم، وهو الروح القدس، الذي يحرك كل واحد في مكانه، ويجعل كل واحد تحت رايته.  « ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضًا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة» (1بط 4: 10).  « فإنه كما في جسد واحد لنا أعضاء كثيرة، ولكن ليس جميع الأعضاء لها عمل واحد، هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضًا لبعض، كل واحد للآخر» (رو12: 4، 5).  وكل أعضاء جسد المسيح لها أعمال هامة سواء من الرجال أو النساء، ولا يوجد عضو بلا عمل وبلا قيمة.  كم يكون الأمر مشجعًا لكل بنت في عائلة الله، عندما تجد بناتًا؛ من ذات جنسها تشارك في العمل العظيم، كما فعلن بنات شلوم في أيام نحميا.  «وَبِجَانِبِهِ رَمَّمَ شَلُّومُ بْنُ هَلُّوحِيشَ رَئِيسُ نِصْفِ دَائِرَةِ أُورُشَلِيمَ هُوَ وَبَنَاتُه» (نحميا ٣: ١٢).  البنات يعملن مع أبيهم!  كم يكون رائعًا أن أفراد العائلة بالكامل يتثقلون بالعمل العظيم، ويشاركون في خدمة السيد الكريم!

١ - يستخدم الرب الصغار حتى لو استعفى الكبار

شارك بنات شلوم بن هلوحيش في العمل العظيم، بينما استعفى عظماء التقوعيين أن يدخلوا أعناقهم في ذات العمل.  هكذا قيل عنهم: «.... لَمْ يُدْخِلُوا أَعْنَاقَهُمْ فِي عَمَلِ سَيِّدِهِمْ» ( نحميا ٣: ٥).  إنه العمل الذي وصفه نحميا رجل الله أنه ”عَمَلٌ عظيم“.  هؤلاء مع أنهم لم يكونوا مقاومين للعمل نفسه، لكن ربما أحبوا راحتهم الشخصية، ومراكزهم ومصالحهم أكثر من عمل الله.  يوجد من يبدون فقط آراءهم في الخدمة في كل مجلس ومقال، لكنهم لا يدخلون أعناقهم في العمل، أو ربما يعظون ويصفون العمل أنه عظيم، ويشجعون الآخرين أن يقوموا بالعمل ويمدحونهم عليه، لكنهم لا يدخلون أعناقهم  فعليًا فيه.  معنى أن يُدخل الشخص عنقه في عمل سيده، لا أن يتكلَّم عن العمل، أو يعطي أوامر وتعليمات للعاملين، بل أن يضع يده في ذات العمل.  وجيد أن نحمل النير في الصبا.

٢- تنوع الفرص والمواهب والخدمات في عمل الله

من المهم أن نتذكر أن الخدمات كثيرة ومتنوعة، منها الظاهر ومنها ما يتم في الخفاء، منها الكرازي، ومنها أيضًا الراعوي، ومنها الخدمات المعاونة.  منها ما يتم بصورة فردية أو جماعية، منها الشفوية وأخرى العملية، وقد تكون غير مألوفة، أو تكون غير مرغوبة أو جذابة لمن يريدون أن يكونوا شيئًا وأن يكون لهم صيت وشهرة في الوسط المسيحي.  ومع ذلك تُنجز برضا وتكريس والتزام تام ومحبة حقيقية، من مؤمنات أو مؤمنين؛ تكريسهم للرب تكريس حقيقي كامل.  مع أنها خدمات مكلفة ومجهدة وأحيانًا تكون خطرة، لكنها مؤثرة ومثمرة بصورة أعظم مما يتصوره البعض.  لا تحتقر هذه الخدمات ولا تستهن بمن يقوم بها.  وإن كنت لا تشارك فيها، فعلى الأقل شجع من يقوم بها وصلِّ من أجله، مع أنه شرف عظيم أن تشارك فيها.  عمل الله لا بد أن يتم، لكن طوبى لمن يضع يده في يد الرب ويشارك في عمله  .

٣- للأخوات دور هام ومؤثر في عمل الله

معروف أن المرأة في مجتمعاتنا الشرقية تتعب كثيرًا وهي تقوم بالتزاماتها كزوجة وأم، وتتحمل أعباء نفسية لا تقل - بل قد تزيد - عما يتحمله رجلها في أحيان كثيرة.  لكن الأمر المشجع فيما يتعلق بعمل الرب، وهو لا يخلو من التعب أيضًا، أنه بالحقيقة «نير هيِّن»، وتعب لذيذ.  فمثلاً كل أخت فاضلة فتحت بيتها وأضافت القديسين، أو ربت الأولاد في مخافة الرب، أو أكرمت الرب بتقديم يد العون في الخفاء للآخرين، أو العطاء بسخاء للمحتاجين، تشجعت بأن تتعب من جديد وتجود بالمزيد.  بقدر تعلقها بالرب وحبها له، تريد أن تكرمه.  وبقدر تقديرها لشعب الرب الغالي، تكون أتعابها من أجلهم.  أصرَّت ”ليدية“ أن تستضيف بولس وسيلا في بيتها في فيلبي بقولها الشهير: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ، فَادْخُلُوا بَيْتِي وَامْكُثُوا.  فأَلزَمَتنا» (أعمال ١٦: ١٥).

  هل ننسى دبورة وياعيل وحنة أم صموئيل وأبيجايل، وكيف قامت كل منهن بدور بطولي لخدمة شعب الرب بالطريقة التي رسمها الرب لكل منهن.  أ لم يكن عملاً عظيمًا ما قامت به المرأة الشونمية! المرأة التي وصفها الروح القدس بأنها عظيمة، لأنها أكرمت إلهًا عظيمًا وأظهرت سخاءً عظيمًا في أيام راحتها، عندما أكرمت رجل الله أليشع، وأظهرت إيمانًا عظيمًا في وقت ضيقتها ومحنتها (2مل4).  وماذا عن الفتاة الصغيرة التي سباها جيش آرام!  ما أعظم ما عمله الرب بها، وكيف استخدمها في شفاء وتطهير نعمان الرجل الأممي الأبرص! (2مل5).  البعض قدمن خدمة خاصة لشخص كان يقوم بالخدمة العامة، وبذلك ساهمن في الخدمة العامة بشكل غير مباشر.  ولنذكر ما فعلته النساء اللاتي تبعن الرب من الجليل وكن يخدمنه من أموالهن بكل الحب والتكريس، ومريم التي سكبت الطيب على جسده، وماذا نقول عن فيبي وبرسيس وبريسكلا ... إلخ.  جميعهن لم يدخلن ضمن العمل الرسولي الذي عين له الرب الرجال، لكن كل واحدة منهن تعبت كثيرًا في الرب، والرب قدر كل ما فعلته. 

 

لكن أيتها الأخت الفاضلة: احذري من تقليد الأخريات.  بل اعرفي ما أعطاه الرب لك، وما هو دورك الذي عينه الرب لك وافعليه.  وقبل كل شيء اجعلى الكتاب المقدس مرجعك، وامتحني كل دافع وفعل في ضوء الترتيب الإلهي المدون في الوحي المقدس.

   أختي الشابة.. تذكري أن للرب قصد مبارك من حياتك.  وهو يُسر بأن يستخدم كل ما أعطاكِ من وزنات وفرص وامكانيات.  قد تكون خدمة في مدارس الأحد، أو وسط الزهرات والشابات، أو خدمة ترجمة أو كتابة، أو استخدام الكومبيوتر ووسائل التكنولوجيا الحديثة، أو كتابة ترانيم أو تلحينها، أو الزيارات والافتقاد والعمل الراعوي وسط الأخوات، أو المساعدة في ترتيب المؤتمرات ... الخ.  فتأكدي أن لك مكانتك وكرامتك في عيني الرب، لا لكونك من عائلة تخدم رغم أن هذا امتياز، ولا لكونك زوجة خادم، ولا لكونك ابنة خادم، بل لأنك من أعضاء جسد المسيح، ولك دور متميز كسائر الأخوات الفاضلات اللواتي خدمن الرب وتعبن من أجله.  تذكري دائمًا أن النعمة ذاتها التي تستخدم الرجال تستخدم أيضًا النساء.  في كل الكتاب، نرى الرب يستخدم نساءً وأحيانًا فتيات صغيرات، ليعمل بهن أعمالاً عظيمة.  لكن احذري محاكاة الأخريات ممن لا يخضعن لكلمة الله، بل يبحثن عن ذواتهن ومدح الآخرين.  تأكدي أن لك دور متميز، اعرفي دورك وافعليه، لكن قبل كل شيء اجعلي الكتاب مرجعك، وامتحني كل دافع وفعل في ضوء الترتيب الإلهي المدون في الوحي المقدس، ولا تقبلي أن تفعلي شيئًا لا يتوافق مع أقوال الله.

   أخي الحبيب؛ من تقرأ هذه السطور شجِّع زوجتك وأختك وابنتك أن يكرمن الرب في حياتهن، ولا تحرمهن من المشاركة في العمل العظيم.  فيا حبذا لو كانت العائلة كلها تشارك في عمل الله، مثل بيت أكيلا وبريسكلا، والكثيرين غيرهم الذين لم يذكر الوحي أسماءهم. 

 

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com