عدد رقم 3 لسنة 2002
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
كيف أجد شريك الحياة؟ المعايير الصحيحة للارتباط   من سلسلة: الأسره المسيحيه..

اثنان خير من واحد(جا 9:4)

كيف أختار شريكة الحياة؟

هذا هو السؤال الذي نسمعه كثيراً من الراغبين في الزواج.  وكل مؤمن مخلص يريد إتمام مشيئة الله في حياته يحرص جداً على معرفة فكر الله من جهة هذا الأمر الهام.  وهذا صحيح إذ أن قرار اختيار شريك الحياة قرار مصيري فهو أهم قرار في حياة المؤمن بعد قرار قبول المسيح مخلصاً شخصياً.  لذلك يجب على الشاب أن يتيقن من أن قراره متفق مع خطة الله لحياته.
وهذه بعض المبادئ الهامة التي ينبغي أن نتذكرها: 

أولا:  نتعلم من الكتاب أن الله في صلاحه قد أعدّ لكل واحد من أولاده شريك الحياة المناسب وقد عينه له بالتحديد وهذا ليس بغريب فإن الله في نعمته الغنية قد أعد للمؤمنين خطة الحياة بكل دقائقها وتفاصيلها «لأننا نحن عمله (تحفته الفنية)، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة، قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها» (أف 10:2).  وهذه الخطة الإلهية الرائعة لا بد أن تشمل مشروع الزواج.

وقد أدرك هذه الحقيقة منذ زمن بعيد عبد إبراهيم الذي أرسله ليحضر عروساً لإسحاق، أدرك أن هناك فتاة بالتحديد قد عينها الله لإسحاق، لذا عندما صلى قال للرب: «فليكن أن الفتاة التي أقول لها: أميلي جرتك لأشرب، فتقول: اشرب وأنا أسقي جمالك أيضاً، هي التي عينتها لعبدك إسحاق» (تك 14:24).  إذاً هناك فتاة معينة من الله للشاب المؤمن وما عليه سوى أن يذهب إلى الله وبثقة كاملة فيه يطلبها منه وليتشجع بالوعد الإلهي: «إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير، فسيعطَى له.  ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة» (يع 5:1، 6).

ثانياً:  لكي يعرف الشاب مواصفات الشابة التي سيرتبط بها عليه أن يدرك ما هو الغرض الذي لأجله أوجد الله شريكة الحياة.  لقد قال الرب قديماً: «ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره» (تك 18:2).  إنها المُعين له لإتمام المسئولية التي كلفه الله بها.  ويا لها من صورة جميلة للزواج: اثنان يتعاونان معاً لإتمام خطة الله لحياتهما.  إذاً هي مُعين وليست مُعيق، وهما في تعاون وليسا في تنافس.  وكلمة معين تعني أيضاً مكمّل counterpart.  بمعنى أن الزوجة المُعيّنة من الله هي الشخصية المناسبة التي تُكمِّل الرجل والتي بدونها يشعر وكأنه ناقص.  وحتى يتكامل الاثنان معاً لا بد أن يكون هناك توافق في كل جوانب الحياة، توافق روحي وتوافق ذهني وتوافق اجتماعي، وهذا ما قصده الرب من «أصنع له معيناً نظيره».

ثالثاً:  في ضوء الحقيقة السابقة هناك معايير هامة ينبغي مراعاتها عند الاختيار:

1- التوافق الروحي:

والمقصود به أن يكون الشريكان مؤمنين حقيقيين وكل منهما قد اختبر المسيح مخلصاً شخصياً له.  لا يكفي أن يتردد الشخص على الاجتماعات أو حتى يشارك في الأنشطة الكنسية، لكن ينبغي أن تكون الحياة الإلهية ظاهرة  فيه بوضوح وأن يكون له شهادة حسنة من المؤمنين.  والقاعدة الإلهية في هذا الأمر هي: «لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ ... » (2كو 14:6 - 16) انظر أيضاً 1كورنثوس 39:7 «تتزوج بمن تريد، في الرب فقط».  والتوافق الروحي لا يتوقف عند كون الشريكان مؤمنين فقط، لكنه يشمل أيضاً المعدن الروحي لكل منهما وأقصد به الاتجاهات الروحية لكل منهما.  فما أجمل أن نرى شاباً مكرساً للرب محباً للكلمة منفصلاً عن العالم يرتبط بشابة من ذات اللون ولها ذات التوجهات الروحية وتحب الرب وتخضع لكلمته وتقدّر خدمته.

في هذه الحالة سيكون كل منهما سبباً للتقدم الروحي للآخر ودافعاً لحياة التكريس والخدمة للرب.  هل نذكر ما قاله الكتاب: «وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي» (خر 1:2)؟ إن التوافق الروحي بين الشريكين هو بمثابة حجر الأساس للزواج الناجح.

2- التوافق الذهني:

إن الحياة الزوجية تعتمد كثيراًفي نجاحها على مدى توافق تفكير الشريكين وأسلوب التفكير يحدد نوع الشخصية (أم 7:23) وإن كان هناك اختلاف كبير في أسلوب التفكير فإن ذلك سيؤثر على وحدة الزوجين فيما بعد وسيؤدي لحدوث خلافات وصراعات.  وبلا شك إن شخصين مؤمنين لهما شركة مع الرب سيكون تفكيرهما متقارباً مما سيساعد جداً على الانسجام في الحياة الزوجية لذا فإني أنصح إخوتي الشباب أن يهتموا بهذا الأمر عند الارتباط لأنه للأسف كثيراً ما يركز الشباب أو والديهم على الجمال الخارجي للفتاة دون أن يولوا أي اهتمام لشخصيتها وتفكيرها وأسلوب تصرفها.  وهنا دعونا نتذكر قول الكتاب في سفر الأمثال 22:11 «خزامة من ذهب في فنطيسة خنزيرة المرأة الجميلة العديمة العقل».

3- التوافق الاجتماعي:

  وأقصد به المستوى الثقافي وتناسب الأسرتين. حيث أن ترتيب الرب أن يكون للإنسان معين نظيره.  إذاً فهذا التوافق يشمل كل جوانب الحياة.  فمن المناسب أن يختار الشاب الشابة التي تشابهه في المستوى الثقافي خاصة المؤهل الدراسي، طبعاً هناك استثناءات، لكننا نتكلم عن المبدأ العام.  فبالنسبة للمستوى المادي فإنه من الأنسب أن يكون هناك تقارب بين الطرفين والأسرتين.  أحياناً يتجه الشاب ليناسب أسرة ثرية أعلى منه كثيراً في المستوى المادي، وقد يؤدي ذلك لضغوط شديدة عليه قبل الزواج وربما متاعب بعد الزواج.  أما بالنسبة لتناسب الأسرتين فلهذا الأمر أهمية كبرى بعكس ما يظن كثير من الشباب.  إن توافق الأسرتين روحياً واجتماعياً يكون له أثر إيجابي في حياة الزوجين ثم الأولاد بعد ذلك، إن جو الوفاق والمحبة الكائن بين الأسرتين هو أفضل مناخ لنمو الأسرة الحديثة.

إن اتحاد اثنين بحسب مشيئة الله في رباط الزوجية هو أمر رائع للغاية عبَّر عنه سليمان الحكيم قائلاً: «اثنان خير من واحد، لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة.  لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه، وويل لمن هو وحده إن وقع، إذ ليس ثان ليقيمه.  أيضاً إن اضطجع اثنان يكون لهما دفء، أما الواحد فكيف يدفأ؟ وإن غلب أحد على الواحد يقف مقابله الاثنان، والخيط المثلوث لا ينقطع سريعاً» (جا 9:4 - 12).

نصائح  للاختيار  الصحيح

  1.  عليك، أخي الشاب، أول كل شيء أن تدرك أنك بذاتك عاجز وغير قادر على الاختيار الصحيح.  وإلا فستعتمد على ذكائك وخبراتك وهذا سيؤدي بك لمشاكل كثيرة «لا يخدعن أحد نفسه.  إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر، فليصر جاهلاً لكي يصير حكيماً!» (1كو 18:3).  إن من يعطي الحكمة هو الرب وحده «لأن الرب يعطي حكمة.  من فمه المعرفة والفهم» (أم 6:2)، «وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر، فسيعطى له.  ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة» (يع 5:1، 6).
  2. احذر من الانخداع بالمظاهر الخارجية (جمال الشكل، الغنى المادي، صورة التقوى، الأنشطة الكنسية ...) والحكم على الأمور بطريقة سطحية «لأنه ليس كما ينظر الإنسان.  لأن الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب» (1صم 7:16).  لذا عليك بالتعلّق بالرب وحده فاحص القلوب ومختبر الكلى.  أنت لا تعرف مستقبلك وتفاصيل حياتك ولا نوعية الفتاة التي تناسبك تماماً لتكون معيناً نظيرك على مدي السنين، كما أنك لا تعرف قلوب الفتيات ودواخلهن لتحسن الاختيار بمفردك: «توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد.  في كل طرقك اعرفه، وهو يقوّم سُبلك» (أم 5:3 - 7).
  3. درّب نفسك على الثقة في محبة الآب السماوي لك وصلاحه الكلي، فهو في محبته وحكمته قد عيّن لك شريك الحياة المناسب، ولا شك أن اختياره لك هو الأفضل «أم أي إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزاً، يعطيه حجراً؟ وإن سأله سمكة، يعطيه حية؟ فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات، يهب خيرات للذين يسألونه» (مت 9:7 - 11).
  4. هل أدركت أن «البيت والثروة ميراث من الآباء، أما الزوجة المتعقلة فهي من عند الرب» (أم 14:19)؟ ولما صنع الرب حواء «أحضرها إلى آدم» (تك 22:2).  لذا في إيمان وتعلق بالرب وعين بسيطة مثبتة عليه وحده اطلب منه أن يكشف لك الإنسانة المعينة لك (وللأخت أيضاً عليك أن تطلبي من الرب أن يكشف لك الرجل المعين لك بين من يتقدمون إليك للإرتباط).
  5. هل تعلمنا أن الرب «صنع الكل حسناً في وقته» (جا 11:3).  فهو له وقت محدد في كل تفاصيل حياتنا.  وإن كان قد «حتم بالأوقات المعينة»، يمكننا أن نتأكد أن وقت الزواج أيضاً محدد عنده.  ألم يعدنا «أنا الرب في وقته أسرع به» (إش 22:60).  لذا لنتعلم انتظار الرب في هذا الأمر كما في كل أمور حياتنا «انتظر الرب واصبر له» (مز 7:37).  لا شك أن الانتظار صعب، لكنه لازم جداً للنضوج، وما أهم النضوج للحياة الزوجية، النضوج الروحي والنفسي.

«أحبوا الرب يا جميع أتقيائه ... 
لتتشدد ولنتشجع قلوبكم، يا جميع المنتظرين الرب»
(مز 23:31، 24)
«فتعلمين (وتعلم) أني أنا الرب الذي لا يخزى منتظروه»
(إش 23:49)


(يُتبع)


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com